مصاصو الدماء يدفعون العمال والمهمشين الى الموت
ظهرت في الآونة الأخيرة آراء متباينة حول رفع الحجر الصحي العام أو الإقرار في التمديد لفترة أسبوعين آخرين وتأتي هذه الردود ضمن سياق ممنهج يدعمه أصحاب المؤسسات الاقتصادية الكبرى بالدعوة الى رفع الحجر الصحي وعودة العمال الى مباشرة عملهم مع الإلتزام و الحفاظ على الشكل الأدنى للتباعد الإجتماعي والتقسيم الظرفي لفترة العمل والإتزام بارتداء الكمامات الواقية واستعمال أدوات التعقيم حيث يتبين مدى قصور هذه التدابير على أرض الواقع في حماية العمال وعائلاتهم من خطر الاصابة وتنقل العدوى بالنظر على عدم توفر الامكانيات الصحية واللوجستية الشاملة أمام الاوضاع المتردية لمنظومة الصحة العمومية، وكذلك شبكة النقل العمومي الذي يؤمن تنقل العمال والموظفين الى أماكن عملهم بشكل وقائي فعال والجميع يدرك تمام الإدراك بالوضعية الكارثية التي يعيشها هاذين القطاعين و التي كانت نتيجة لسياسات وتوجهات اقتصادية -تنموية مع تعاقب الحكومات ومنذ عقود لاتتسم إلا بكونها خيارات معادية للفئات الشعبية لم تحمل يوما عنوانا للحد الأدنى لكرامة المواطن وحقه في حياة سليمة بمعنى المواطنة الحقة .
إن هذه التدابير التي هي شكل من أشكال الضغوط والتي ترافقها حملة ممنهجة تقودها بعض المؤسسات الإعلامية الخاصة والتى وصلت الى حدود التهديد المباشر بعدم خلاص أجور العمال في صورة عدم استئناف العمل بحجة انقاذ الاقتصاد من الإنهيار وعودة الإنتاج وهي مغالطة كبرى و تضليل للرأي العام بل هو أيضا ابتزاز من أجل التهرب من كلفة الأزمة ومناورة لا تحيل إلا الى منهج الجشع والربح الأقصى الذي اتخذه هؤلاء مقابل تعريض حياة المواطنين الى خطر قائم يهدد سلامتهم وسلامة عائلاتهم. وفي مقابل ذلك أصبحت الأوضاع الاجتماعية خانقة بل تهدد مصير فئات واسعة من الشعب التونسي التي اصبحت غير قابلة على تحمل فترة أطول من الحجر الصحي أمام إجراءات المساعدات الاجتماعية والمالية المحتشمة التي أقرتها الحكومة والتي لا تلبي حد أدنى من الظروف المعيشية اليومية لهذه الفئات .
وهنا ونتناول بعضا من الإجراءات التي أقرتها الحكومة في هذه الفترة والتي لاتختلف عن الخيارات الليبرالية المتوحشة في جوهرها وهي بمثابة المواصلة في اعتماد سياسات اقتصادية معادية للخيارات الشعبية :
– رصد 2500 مليون دينار لمجابهة فيروس كورونا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي.
* 62% من هذه الأموال موجهة للقطاع الخاص أي حوالي 1550 مليون دينار.
– 150 مليون دينار موجهة للعائلات المعوزة.
* هي نفس القيمة المرصودة سلفا بميزانية 2020 لحوالي 205 ألف عائلة.
*اقتطاع حوالي 180 مليون دينار من أجور موظفي القطاع العام والخاص.
*إيهام الشعب بأن هذا الاقتطاع هو موجه أساسا لتغطية العجز الحاصل في ميزانية الدولة نتيجة تكفل الدولة بتغطية احتياجات العائلات المعوزة.
*تراجع سعر النفط بدولار واحد يوفر حوالي 10 مليون دينار مرابيح لميزانية الدولة (تراجع سعر النفط وصل إلى حوالي 26 دولار).
*صندوق النقد الدولي يخفف ديون 25 دولة ويقول أن تونس استثنت نفسها ولم تقدم مطلبا في الغرض على غرار بقية الدول!!!.
*وزير المالية يصرح بأنهم كحكومة مقدمون على اتخاذ إجراءات موجعة (بطبيعة الحال ستكون موجعة للشعب ). أمام هذا الوضع العام الخطير وهذه الأزمة المتفاقمة يهمنا أن نؤكد ونوضح : -ان رفع الحجر الصحي العام من عدمه يجب أن يكون من مقررات لجنة علمية طبية مستقلة والتي تحظى بثقة جميع التونسيين والتونسيات ولا تخضع الى أي ضغوط سياسية أو املاءات خارجية .
-الرفع التدريجي للحجر الصحي العام بعد التأكد الفعلي من احتواء أزمة تفشي العدوى الوافدة والأفقية بفيروس كورونا -كوفيد 19 مع ضرورة اتخاذ إجراءات إستباقية لتوفير وسائل الوقاية للجميع دون استثناء . -ضمان خلاص أجور العمال والموظفين في جميع القطاعات دون استثناء بصفة دائمة وعدم المساس بأي شكل من رواتبهم .
-الترفيع في المنح المالية المسندة لفائدة المعوزين والعمال العرضيين بقيمة الحد الأدنى الصناعي والفلاحي . -تشكيل تنسيقيات محلية تحت الرقابة القانونية لتوزيع المنح المالية والمساعدات الاجتماعية . -اقرار منحة خاصة لأصحاب الشهادات المعطلين عن العمل. -تكثيف عمليات الرقابة الصحية والتجارية على مسالك التوزيع والمحلات التجارية والأسواق وضبط أسعار المواد الأساسية والمزيد من التصدي للمحتكرين خصوصا مع اقتراب حلول شهر رمضان في فترة استثنائية -نجدد دعوتنا الى وضع المصحات الخاصة تحت تصرف وزارة الصحة العمومية في هذه الفترة الإستثنائية أمام مؤشرات تفاقم انتشار الوباء . -يشير العدد الجملي للتحاليل الاختبارية الى ما دون انتظارات التونسيين وبالتالي الدعوة العاجلة الى تكثيف التحاليل اليومية مما يمكن من إحتواء وإحصاء عدد الاصابات الممكنة . -إن تكثيف الحملات التحسيسية حول أهمية الإلتزام بالحجر الصحي العام هو عامل مهم لتخطي هذه الأزمة الوبائية مع التذكير بضمان فعلي واجراءات واضحة لتأمين المعيشة اليومية لجميع المواطنين . -إن إتخاذ تدابير سياسة التبرعات لايمكن ان يكون حلا جذريا لتطويق أزمة متفاقمة على جميع الأصعدة وبالتالي نجدد دعوتنا الى اقرار مبدأ الضريبة الاستثنائية-التصاعدية على أصحاب الثروات الكبرى وذلك لاستثمارها في بناء منظومة صحية عمومية متكاملة ترتقي الى احتياجات جميع المواطنين في الرعاية والعلاج في ظروف سليمة و وبطرق ناجعة . -نجدد دعوتنا الى تعليق جميع الديون الخارجية . -إن الدعوات التي يسوقها أصحاب المؤسسات الاقتصادية ورؤوس الأموال الى رفع الحجر الصحي واستئناف العمل لاتغدو سمة من سمات الجشع والربح المعزولة هنا فحسب، بل هي سمة مرتبطة أساسا بنظام الرأسمالية العالمية الذي يعرض حياة شعوب بأكملها الى أخطار دائمة ولايعير أي اهتمام لحياة الإنسانية التي ترنو الى عالم أرحب وأفضل مقوماته الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية بل غايته تكديس الثروات وسلعنة الحياة البشرية ونشر الجوع والحروب والأزمات وإعادة هيكلة النسق الإقتصادي العالمي والتحكم في مساراته . -إن البديل الحقيقي في انعتاق الشعوب وتحررها نحو عالم أفضل، عالم يقوم على الحرية والعدالة والقيم الإنسانية الحقيقية لا يمكن ان يتم في نظام الرأسمالية العالمية ٫نظام ينشر البؤس ويكدس الثروة والأرباح لأقلية من مصاصي دماء البشرية على حساب المليارات من العمال والمفقرين والمهمشين (…)
إن الإشتراكية هي نظام العالم الآخر ٫الممكن وإن النضال من أجل الهدف الأسمى للإنسانية هو النضال من أجل المجتمع الاشتراكي .
“يا عمال العالم وشعوبه وأممه المضطهدة اتحدوا ” -تيار العمل القاعدي- 15 أفريل 2020
اترك تعليقًا