الثورة ضد الإرهاب
تعتبر أحداث باردو الارهابية منعرجاً هاماً بدأنا نلتمس إلى حد ما الاستراتجية التي ستنتهجها السلطة الحالية ومن ورائها الطبقة المهيمنة لكي تحول انتكاساتها إلى انتصارات وفشلها إلى مكاسب إن تصاعد الهجوم الممنهج في الخطاب الرسمي وفي الإعلام الرامي إلى تشويه الاحتجاجات الشعبية والتحركات النقابية والعمالية يبين الخبث ومدى توظيف السلطة لمثل هذه المناسبات لتمرير سمومها واكماد كل صوت احتجاجي رافض لسياساتها.
لقد راهنت الطبقة الحاكمة و حلفائها أن تكون الخمسة سنوات القادمة مرحلة نموذجية من خلال أغلبية برلمانية مريحة وائتلاف حكومي واسع يؤمن نوعاً من الإستقرار السياسي الذي يمهد باشكال مختلفة لتنفيذ سياسات إقتصادية و إجتماعية ليبرالية معادية لأهداف الثورة ومطالب الجماهير والعمال من ناحية والشباب والمعطلين من ناحية أخرى.
إن البرنامج الحكومي llسنوات المقبلة هو القضاء على ما تبقى للدولة من هامش تعديلي في السياسات المالية والاستثمارية بداية بالتخلي عن دعم المواد الأساسية وما ينجر عنه من فقدان للقدرة الشرائية وصولاً إلى خصخصة المؤساسات العمومية والبنوك مروراً بتجميد الانتدابات في الوظيفة العمومية وتجميد الأجور كل هذه الإصلاحات دون التوغل في الجزئيات تندرج ضمن برنامج الإصلاح الهيكلي المتوافق عليه بين الحكومة التونسية والدوائر المالية العالمية.
للتذكير فإن الدوائر الرأسمالية العالمية كانت لا تدخر جهداً في مدح سياسات “بن علي ” الإقتصادية تحت شعار “المعجزة التونسية”واليوم في مشهد سريالي هي تتحدث عن الثورة ففي تقرير البنك الدولي الأخير تحت مسمى “la révolution inachevée” نكتشف إصرار هذه المنظمة على تكريس نفس المنوال الإقتصادي القديم ال.
إن الحكومات المتعاقبة على السلطة منذ إندلاع الحراك الثوري إلى اليوم لم تكن في مستوي المسؤلية التاريخية الملقاة على عاتقها وهذا إمر غير مفاجء بلمرة للطبيعة الإصلاحية والإنتهازية للاحزاب والشخصيات التي تداولت على الحكم
إن العمليات الارهابية الأخيرة لها أسباب أعمق بكثير من التفسيرات السطحية المقدمة من أجهزة الدولة والإعلام المرتبط به عضويا فهو إرهاب دولي مرتبط بالإمبريالية من ناحية ولكنه مرتبط أساساً بالسياسات الفاشلة للدولة من جميع النواحي الأمنيية والسياسية و الإقتصادية فالتمادي في نفس الخيارات اللا شعبية ف الدولة اللتي لا تحترم حقوق شعبها في الحياة الكريمة تنتج شباباً لا يؤمن بالحياة أصلاً.
إن قوي الثورة من عمال ونقابيين ونساء وشباب وبطالين مطالبين أكثر من أي وقت سابق إلى توحيد الصفوف إسترجاع المبادرة والثقة بالنفس من خلال إنتاج تنظيمات ثورية جذرية تقطع مع أنصاف الحلول والمنهجية الإصلاحية العمل على تكثيف الاحتجاجات والتحركات الميدانية للتصدي لكل أشكال الإرهاب المادي والمعنوي على حد سواء.
إن برنامج الإصلاح الهيكلي المتوافق عليه لم ولن يكون حتمية يترتب على جمهور التونسيين قبوله فهو سيكون المصدر الرئسي للتهميش والتفقير والبطالة وبالتالي مصنعاً للإرهاب والارهابيين.
اترك تعليقًا