تضامن Solidarité

اليونان : الحكومة اليونانية بقيادة سيريزا ( تحالف اليسار الراديكالي ) -تعلن عن سياستها المناهضة للتقشف

الأسواق وقادة الاتحاد الأوروبي تتحرك ضد أثينا

نيال مولهولاند، CWI
أعلنت الحكومة الجديدة بقيادة سيريزا-سلسلة من السياسات التي من شأنها أن  توفر الراحة للعمال اليونانين ، بعد سنوات من تدابير  التقشف الوحشية التي دفعت الكثيرين إلى الفقر المدقع. وتشمل الإجراءات  الجديدة التي اعلنت عنها الحكومة إستعادة الحد الأدنى للأجور إلى مستويات ما قبل الأزمة (750 € في الشهر). رفع معاشات التقاعد المنخفضة وتوفير دفع المعاش الثالث عشر (خلال فترة عيد الميلاد) لجميع أولئك المتقاعدين الذين يعيشون حاليا على 700 € /  في الشهر أو أقل. إلغاء رسوم زيارة المستشفيات وتكاليف الوصفات الطبية . إنهاء البيع القسري لبيوت الناس الذين لا يستطيعون مواكبة تسديد أقساط القروض العقارية. الغاء عمليات الخصخصة المخطط لها (بما في ذلك قطاع الطاقة والمطارات والموانئ)؛إعادة توظيف المُدرسين الذين تم إقالتهم ؛ إلغاء نظام “التقييم” في الخدمات المدنية ، الذي تم إنشاؤه من أجل توفير إستمرارية تسريح العمال . إعادة توظيف أكثر من 10،000 موظفين في الخدمة المدنية والعاملين  الذين تم تسريحهم من الخدمة العامة . كما وإعادة تأسيس قناة  كإذاعة وتلفزيون الدولة وإعادة توظيف عمالها . بالإضافة الى ذلك , توفير المواطنة لأبناء المهاجرين الذين ولدوا ونشأوا في اليونان.

على الرغم من أنه يتوجب الموافقة والإقرار على هذه الخطوات عبر البرلمان قبل تنفيذها ، إلا ان العمال اليونانيين ، وأخيرا، يشعرون انهم إستعادوا ثقتهم بالنفس وكرامتهم . وقد إعتز العمال اليونانيون في  الرمزية   الناجمة عن  تعيين اليكس تسيبراس  رئيسا  للوزراء، دون القسم الديني وزيارته  النصب التذكاري للمقاتلين الشيوعيين الذين ذبحوا خلال الحرب الأهلية اليونانية.ا.

بالرغم من ان  هذه الخطوات أولية (بالرغم من محدوديتها وجزئيتها)،  إلا انها ترتفع  في وجه  ما يسمى ” الإجماع ”  النيو ليبرالي القاسي  الذي إستمر على مدى عقود ، والأجندة المؤيدة للتقشف  التي فرضها الإتحاد الأوروبي وأرباب العمل  .إن هذه الخطوات الإصلاحية  لم تحل على اليونان من السماء  ، بل هي نتيجة النضالات الشعبية البطولية التي قادها العمال اليونانيون على مدى سنوات ، والتي تخللت أكثر من ثلاثين إضراب عام . ورغم أن هذا لم يمنع التقليصات الهائلة ، بسبب دور قادة النقابات المحافظين ،إلا انه أدى إلى رفع الوعي والتقاطب  السياسي لدى الملايين من العمال اليونانين  ، مما ساهم في إعداد  الأرض للإنقلاب  الانتخابي الكبير الذي حصل في  عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
التصريحات الأولية لحكومة سيرزا تكشف حقيقة مواقف الأحزاب التقليدية في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية السابقة. حيث عندما  تكون في السلطة ، تقوم هذه الأحزاب بفرض برامج التقشف وإجراءات اخرى عدائية إتجاه الطبقة العاملة ،  زاعمتًا أنه  “لا خيار آخر”.

 الأسواق تتفاعل 

كالمتوقع فقد تفاعلت الأسواق مع هذه الخطوات سلبًا، حيث  شهدنا تراجعًا  في الأسهم، في أثينا ، حيث بلغت  أدنى مستوياتها التي  لم نشهدها منذ اسوأها خلال أزمة الديون. وتفيد التقارير أن تدفقات الودائع اليونانية ارتفعت الاسبوع الماضي لتصل الى  11 مليار يورو لشهر يناير
وقد سعى وزراء الحكومة الى حقن الوضع والتقليل  من إحتمال حدوث إشتباك مع الدائنين.
، في محاولة لتبرير نهجه الفئوي ، رفض الحزب الشيوعي اليوناني   (والذي في وقت سابق من هذا الاسبوع  رفض تشكيل حكومة ائتلافية مع سيريزا)   الإصلاحات مدعيًا  بأنها مجرد “فتات”. في حين، في طبيعة الحال، الخطوات الجديدة االمُعلنة  لا ترقى إلى برنامج اشتراكي – الذي  يشمل التنصل من الديون، وفرض ضرائب  ضخمة على الأغنياء ، وفرض ضوابط على  رأس المال  والتمويل ،  واحتكار الدولة للتجارة الخارجية، واتخاذ صروح الإقتصاد الشامخة  تحت ملكية الجماهير  الديمقراطية – خطوات التي  ستحظى بترحيب وإستحسان العمال في اليونان وكافة أنحاء أوروبا .محل ترحيب بشكل إيجابي جدا من قبل العمال في اليونان وكافة أنحاء أوروبا. هذه التطورات  ستكون بمثابة  القوى الدافعة للقوى المعارضة لسياسات التقشف  في إسبانيا والبرتغال وأيرلندا، وخاصة حتى أنها قد تُقدم على تقريب موعد الانتخابات في بعض البلدان

تفيد التقارير ان النخب الحاكمة في الإتحاد الأوروبي  قد قابلت نتائج الإنتخابات بشي من الدهشة والإستنكار ، حيث قد توقعت ان تصل السلطة حكومة “وسط- يمين” في اليونان، التي من شأنها كان إستمرار سياسة الإذعان والرضوخ لمطالب الترويكا ( جسم ثلاثي المكون من : صندوق النقد الدولي ، والبنك  المركزي الأوروبي والإتحاد الاوروبي). لكن تمكن  رئيس الوزراء اليكسيس تسيبراس من الوصول الى السلطة بضغط من الطبقة العامة بغية تنفيذ التعهدات الأساسية التي تعهد بها  من تقليص الدين العام اليوناني ، رفع الأجور ووقف التقليصات في النفق. تسيبراس يدعي أنه بإمكانه إنجاز كل هذه الخطوات والبقاء ضمن الإتحاد الاوروبي ، إلا ان القادة الأوروبين قد حذروا قبل المفواضات بشأن  ديون اليونان  انه على تسيبراس الأختيار الى اي من هذه الأهداف يصوب

مفاوضات  بشأن الديون

لليونان ما يُقارب  320 مليار يورو من الديون المستحقة. عليها إعادة تمويل سندات الخزينة في 6 فبراير  بما يقارب البليون يورو و 1.4 بليون يورو أخرين يوم 13 فبراير. صرحت  سيريزا أنها لا تسعى الى المواجهة بشأن الديون وستسعى للاتفاق بشأن إعادة جدولة السداد. هل من الممكن أن توافق  المستشارة  الألمانية ميركل على مفاوضات  تعطي بعض الفسحة الى أثينا؟ ميركل تتعرض لضغوط داخلية لا “لإنفاق” المزيد من الأموال على عمليات الإنقاذ،  لكنها تواجه ايضا نخبة حاكمة أوروبية شديدة الإنقسام والإختلاف حيال ما هو الحل وما هو افضل سبيل للمضي قدما والخروج من الأزمة . وجه محافظ بنك انجلترا  إنتفادا ، سابقا هذا الاسبوع ،  نحو نتائج وتداعيات  سياسات الترويكا وحذر من “عقد ضائع”  أخر في أوروبا. وكمؤشر على الوضع الراكد التي تواجهه منطقة اليورو، اضطر البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي إلى إطلاق موجة من التيسير الكمي (طباعة النقود))

ولكن حتى لو أظهرت ميركل إستعدادها  لتقديم بعض التنازلات لأثينا بشأن جداول سداد الديون  والتخفيف من عبء الديون،إلا انه سيكون هناك ضغط سياسي قوي من الأحزاب الحاكمة  في جميع أنحاء أوروبا  يقضي بعدم إعطاء الكثير إلى اليونان. تخشى هذه الأحزاب والقوى  أن يشكل هذا سابقة من شأنها أن تهدد بكشف  حقيقة “إجماع” التقشف كله وخلق “العدوى السياسية”، وإعطاء دفعة قوية للمعارضة المناهضة للتقشف في إسبانيا والبرتغال وايرلندا وأماكن أخرى في أوروبا .

وقال تسيبراس قبل انتخابه إنه إذا تعسر إبرام اي إتفاق  مع بروكسل ، وكانت  هناك محاولة لإجبار اليونان الخروج من  الإتحاد الأوروبي ،  أو إذا حاول الاتحاد الأوروبي  وقف خطوات سيريزا المُقتَرحة  لمكافحة التقشف ، فإن حكومة سيريزا سوف تتوجه الى إستفتاء شعبي .  

ومع ذلك، هذه  ليست مجرد مسألة إستفتاء او معادلات برلمانية .   ردود  فعل الأسواق وحكومات الاتحاد الأوروبي حيال خطوات سيريزا تعكس جاهزية  النخب الحاكمة محاربة كل امتياز أو إصلاح للطبقة العاملة. حتى لو تنازلت (عن مضض)  ميركل والنخب الحاكمة في أوروبا وخضعت لخطوات  سيريزا الجديدة، فحتما انها سوف تعود  في مرحلة لاحقة  لانتزاع   هذه المكاسب، وفي هذه الأثناء سوف تعمل على زعزعة استقرار، وتقويض وترويض حكومة سيريزا. 

من أجل الفوز والمُحافظة على مكاسب  لصالح الطبقة العاملة ، حتى إن كانت محدودة، يلزم ان تكون هذه المكاسب جزء من النضال من أجل  برنامج اشتراكي الكامل كما ويتطلب حشد الطبقة العاملة  في أماكن العمل والمجتمعات المحلية، لتحدي الرأسمالية والنداء من أجل التضامن مع العمال في جميع أنحاء أوروبا.

 

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: