العراق : العراق التركة الدامية للحرب النفطية
تصاعد الصراع الطائفي يهدد بتدخل الدول المحيطة
في وقت غزو بوش وبلير الكارثي والجنائي للعراق عام 3002، حذر الحزب االشتراكي واللجنة الدولية للعمال (CWI)
من انه قد يؤدي الى تفكك العراق والي حرب طائفية رهيبة كما التي تجري اآلن وتلعب أمام أنظار العالم.
وضعت اإلمبريالية األمريكية والبريطانية األساس لما يجري ونواجه ليس بصداما واحدا، ولكن عددا من امثال صدام،
وصعود تنظيم مشابه للقاعدة من نوع المنظمات االرهابية مثل تنظيم الدولة اإلسالمية في العراق وبالد الشام )إيزيس( التي
تجتاح شمال العراق اليوم . تطور األحداث يهدد وقد يؤدي إلى هزة في المنطقة بأسرها، مع عواقب وخيمة وربما مأساوية
للسكان.
لتبرير حرب عام 3002 واالحتالل الالحق – التي قتل فيها أكثر من نصف مليون عراقي، باإلضافة إلى اآلالف من قوات
التدخل – ادعى بوش وبلير أن تخليص العراق من أسلحة الدمار الشامل (WMD)، ووضع أساس للديمقراطية. لم تكن
أسلحة الدمار الشامل موجودة، ولم يكن اهتمامهم أبدا الديمقراطية – بل كانت الثروة النفطية الكبيرة في العراق وتأثيرهم
في منطقة الشرق األوسط. في سعيهم لتحقيق أهدافهم، فإنهم قاموا بتهيئة الظروف لفترة طويلة للصراع العرقي والطائفي
الدموي.
اإلطاحة بالدكتاتور صدام حسين و ‘اجتثاث البعث’ التي نفذت، ورأى المسلمون السنة إزالتهم من جهاز الدولة والوظائف.
ولكي تواجه المقاومة الشاملة الحتاللها وهزيمة المتمردين السنة، لجأت اإلمبريالية األمريكية إلى الطائفية وسياسة ‘فرق
تسد’ وفرضت سيطرة حكومة فاسدة من الشيعة، والتي عملت علي ان يسوء اإلنقسام أكثر.
إيزيس قامت بالسيطرة على الفلوجة في يناير كانون الثاني واآلن الموصل – ثاني أكبر مدينة في العراق – و يعتبر هذا
كارثة من قبل الحكومة األمريكية ألنه يسترجع بشكل فعال ما تم من قبل من طرد الميليشيات السنية من تلك المدن من قبل
مشاة البحرية االمريكية فيما وصفت بانها اعتداءات وحشية ضمن الحرب اإلحتاللية التي قادتها الواليات المتحدة.
اآلن اإلمبريالية األمريكية ضعفت بحق في الشرق األوسط بعد سلسلة كوارثها في سياساتها الخارجية، والمعارضة الشاملة
لها في منطقة الشرق األوسط وفي داخل أرضيها ضد تدخالتها. انتخب أوباما لرئاسة الواليات المتحدة إلعالنه التعهد
بإنهاء الحروب الفاشلة في العراق وأفغانستان، لذلك فقد قام بسحب القوات االمريكية من العراق في عام 3022، وبعد ذلك
ادعى أن قتل الواليات المتحدة ألسامة بن الدن في باكستان قد دمرالقواعد األساسية لتنظيم القاعدة. ثم واجه أوباما العام
الماضي مرة أخرى بضغط جماهيري منعه من قصف قوات بشار األسد في الحرب األهلية السورية. ومنع كامرون في
بريطانيا أيضا من ان يسير على هذا الطريق.
نتيجة لهذا التاريخ، ال كامرون وال أوباما يفكر في إرسال أعداد كبيرة من القوات البرية مرة أخرى إلى العراق. لكنه
مقياس لمدي الحذر الذي يري االستراتيجيين االمبرياليين به مكاسب الميليشيا السنية بالرغم من أن أوباما يقوم بتعزيز
إمدادات األسلحة والمعدات العسكرية الثقيلة للجيش العراقي ويدرس إمكانية قصف جوي للمناطق التي تسيطر عليها
إيزيس. ولكن الغارات الجوية، إذا نفذت، ستكون لها نتائج عكسية، في إلحاق الضرر و إراقة دماء المدنيين الذين ال شك أن
يضربوا، وعمليات القصف في أفغانستان تقف شاهدا علي ذلك.
انتفاضة السنيين
أقسام من الجيش العراقي ما يقارب مليون جندي قوي – مدربون ومجهزين من قبل الواليات المتحدة وبريطانيا بما يصل
قيمته إلي 20 بليون دوالر- تفككت في مسار هجومها و دفعت بقوة من إيزيس تقدر بأقل من بضعة آالف. في اتخاذ
الموصل، وهي مدينة من مليوني شخص، وعدد من المدن، بما في ذلك تكريت، واستكملت إيزيس وبمساعدة من انتفاضات
من داخل االقلية السنية للسكان التي عانت من الكثير من التمييز واإليذاء في ظل بدايات الحكومة التي فرضت بواسطة
الواليات المتحدة التي يقودها الشيعة بقيادة نوري المالكي.
وكانت أفراد األمن البعثي السابق من نظام صدام حسين المخلوع من بين أولئك الذين انضموا إلى الهجوم. وفي الوقت نفسه
استخدمت قوات البيشمركة الكردية األزمة إلى ضم مدينة كركوك ألراضيهم، ورأووها كعاصمة للدولة الكردية.
تركت الحكومة العراقية مشلولة، وعمليا ليس لديها أي تحكم في جميع أجزاء شمال العراق، غير قادرة حتى على الحصول
على النصاب القانوني في البرلمان من أجل اتخاذ التدابير الطارئة. خروج أكثر من نصف مليون الجئ من الموصل
ومناطق أخرى استولي عليها خوفا من غارات القصف الحكومة، إيزيس، أو كليهما.
واحدة من المفارقات الكبرى في الوضع الحالي هو أنه في مصلحة كل من اإلدارة األميركية وعدوها اللدود، النظام
اإليراني الثيوقراطي، دعم حكومة المالكي التعيسة. لذلك كانت منزعجة النخبة اإليرانية إزاء محنة حماية الشيعة في بغداد
إذ أنها بعثت بسرعة الجنرال سليماني إلى بغداد للمساعدة في تعيين متطوعيين من الميليشيات الشيعية وقوات الجيش
الحكومي التي يمكنها الدفاع عن المدينة وغيرها من األماكن القريبة.
هذا هو ذل آخر لقادة الواليات المتحدة – في حاجة إلى التعاون مع نظام مكروه تمت معاقبته بقسوة بالعقوبات وعلي أياديه
كان لديهم الكثير من الخسائر في القوات أثناء احتاللهم للعراق. ومع ذلك، لتبرير التحدث إلى إيران، علق السناتور
الجمهوري األميركي ليندسي غراهام: “لماذا نحن نتعامل مع ستالين؟ ألنه ليس سيئا كما هتلر. يجب أن نجري مناقشات مع
ايران للتأكد من أنها ال تستخدم في ذلك فرصة للسيطرة على أجزاء من العراق”.
مستلم آخر لسم االدارة االمريكية فقد قامت قوات بشار األسد في سوريا، أيضا بمساعدة المالكي من خالل إطالق بعض
الضربات ضد قواعد إيزيس في سوريا. وكان األسد سابقا قد غض الطرف عن الكثير من عدوان إيزيس في سوريا ألنه
كان موجها أساسا إلى االستيالء على األرض من الميليشيات اإلسالمية األخرى التي كانت في طليعة قتال نظام األسد.
بغداد
وقد أعلنت إيزيس والميليشيات السنية األخرى التي تغزو بغداد والمدن المقدسة، من الشيعة والمدن المختلطة في الجنوب منه هي
من بين أهدافها، ولكن يبدو من غير المحتمل أن يتمكنوا من النجاح بسرعة في هذا نظرا إلختالل ميزان القوى الذي حدث. تم
تنشيط الميليشيات الشيعية، مع تدفقات جديدة إليها، بما في ذلك جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر الذي كان متورطا في محاربة
االحتالل بقيادة الواليات المتحدة . وذكرت ان القوات اإليرانية تقدم دعم لهم .
في الموصل وغيرها من المناطق ذات الهيمنة السنية التي اجتاحتها إيزيس، كان ينظر للجيش العراقي الذي يسيطر عليه الشيعة بانه
اداة قمعية يجري استغاللها من قبل حكومة تنتهج أجندة طائفية ضد الغير شيعة في المجتمع .كانت هناك تقارير موثوق منها تفيد بأن
بعض قادة الجيش العراقي في تلك المناطق قامت بارسال قواتها لمحاربة إيزيس، ولكن في أي من المدن التي تراجع فيها تأييدها
للجيش في المناطق التي يهيمن عليها السنة ساهمت في انخفاض الروح المعنوية للجنود وتقاعدهم عن مواجهة قتال الجهادية . قد
اشتهرت إيزيس بسمعتها الوحشية البشعة ضد الشيعة -هو فرع من تنظيم القاعدة اال أن حتى تنظيم القاعدة تبرأ منه – اضاف هذا
إلى خوف قوات الفارين .
أظهرت التقارير تنفيذ إيزيس القتل علي المئات من الشيعة وجنود الجيش العراقي العزل كما سبق القبض على مجموعة كبيرة من
الناس قتلوا بوحشية في سوريا . يأتي سفك الدماء هذا على رأس عدد كبير من األعمال الوحشية التي ارتكبت في العراق من قبل
الميليشيات السنية ضد الشيعة والعكس صحيح من قبل الشيعة ضد السنة في السنوات األخيرة.
ولكن، في حين أن محاولة غزو بغداد قد ال يكون ممكنا في المدى القصير، فمن غير المرجح أن تستطيع قوات الحكومة العراقية
استعادة السيطرة على جميع المناطق اآلن في أيدي الميليشيات التي يقودها السنة أو البيشمركة الكردية. بعض المدن تغيرت السيطرة
عليها -استعاد جيش المالكي اثنين شمال بغداد -ولكن فشلت قوات الحكومة في استعادة السيطرة على الفلوجة بواسطة قصفها منذ
ان استولت عليها إيزيس في يناير من هذا العام .
أما بالنسبة لكركوك، يخوض قادة منطقة شبه الحكم الذاتي الكردية معركة منذ فترة طويلة مع وزراء المالكي حول من سيستفيد من
إنتاج النفط في المنطقة، ومعركة أنهم سيرحبون بانهائها من خالل إبقاء السيطرة على كركوك كجزء من خطوات أخرى نحو
االستقالل الفعلي .
إيزيس
إيزيس، مع العديد من المقاتلين الجهاديين االجانب في صفوفها وعدد متزايد مستمد من السكان المحليين، وفرض أحكام االسالميين
اليمينية القمعية في منطقة الرقة في سوريا ويريد تمديد هذه لتكوين الخالفة االسالمية وربط المناطق التي تهيمن عليها في العراق
وربما في نهاية المطاف ربطها مع أجزاء من لبنان واألردن. أعلن قادتها نهاية الحدود بين العراق وسوريا -الدول التي وضعت في
اتفاق 1916 بين اإلمبريالية البريطانية والفرنسية التي قسمت غنائم اإلمبراطورية العثمانية بين تلك القوتين.
الصحفي روبرت فيسك، من بين آخرين، قد ذكر أن إيزيس لديها دعم مالي من دول الخليج الغنية، بما في ذلك أعضاء من النخبة
السعودية المجاورة، الذين هم حلفاء الواليات المتحدة ولكن يودون أنهاء سيطرة الشيعة علي بغداد .في سوريا زادت إيزيس ثروتها
من خالل فرض الضرائب والخطف واالبتزاز وغيرها وقد ضبطت اآلن مبالغ ضخمة من المال من البنوك المأسورة في الموصل
وكميات كبيرة من األسلحة خلفها الجيش العراقي -معظمها قدمت من الواليات المتحدة.
وقد حاول بعض قادة إيزيس عدم استعداء الناس في المناطق التي تحت سيطرتهم، والبعض اآلخر أصدر على الفور مراسيم
الشريعة التي تقول بان اللصوص ستم قطع أيديهم و علي النساء تغطية أجسادهن وتجنب مغادرة منازلهن، وحظر األحزاب
السياسية، وغيرها من القوانين الرجعية. غرست هذه اإلعالنات الخوف في كثير من السكان، بما في ذلك العديد من السنة الذين كانوا
يأملون في البداية أن تقوم إيزيس على األقل بحمايتهم من التمييز واالعتقاالت والتعذيب التي تعرض لها السنة من قبل حكومة
المالكي .
تداعيات
وعموما، فإن التحول األخير لألحداث تسبب في مزيد من المعاناة الرهيبة للشعب العراقي بغض النظر عن الجالية التي ينتمون لها
واحتمال تصاعد التقسيم الطائفي يهدد أيضا بمزيد من تدخل البلدان المحيطة بها، بما في ذلك تركيا التي واجهت بالفعل عمليات
الخطف واالحتجاز لعدد من أفراد الشعب التركي على يد إيزيس وعالوة على ذلك ال تريد أن نرى دولة كردستان المستقلة .
عالوة على ذلك، مرة أخرى، هناك توتر بشأن إمدادات النفط واالقتصاد العالمي، وتنمو المخاوف من توقف محتمل لحقول النفط
الكبيرة في جنوب العراق .
الخطر الكبير اآلخر في جميع أنحاء العالم يكمن في عودة المئات من الجهاديين المصدومين إلى ديارهم في نهاية المطاف من
الحرب الصلبة الذين ذهبوا للقتال في سوريا والعراق -من بلدان بعيدة واسعة بما في ذلك المملكة العربية السعودية وروسيا
وبريطانيا. ال نرى حتى اآلن بديل للنظام الرأسمالي المتعفن سوى محاولة إلعادة عقارب الساعة إلى الوراء إلى أيام االضطهاد
اإلقطاعي، إخضاع النساء، الفقر المدقع والعدالة الناجزة، وهناك خطر متزايد من الهجمات اإلرهابية التي تصل معهم .
الطبقة العاملة من السنة والشيعة واألكراد والقوميات األخرى والجماعات العرقية والدينية في العراق ليس لديهم أي مكاسب من أي
من مروجي الصراع الطائفي، من أي قطاع . بض من السنة العراقيين قد رفضوا من قبل إيزيس ودفعوهم للخروج من جالياتهم
وكثير منهم بفزع اآلن من أفعال إيزيس . هناك غضب واسع النطاق بين الشيعة من فساد المالكي والطائفية . السنة والشيعة واألكراد
على حد سواء يعانون من انعدام األمن المستمر، وانعدام الخدمات األساسية ومستويات المعيشة الفقيرة .
وقد حدث ان هناك عدة مرات تاريخيا عندما عبر الناس في العراق عن رغبتهم في الوحدة ضد االنقسام، مثل في أبريل 4002
عندما تظاهر 200,000 من الشيعة والسنة في بغداد ضد االحتالل بقيادة الواليات المتحدة. بناء قاعدة شعبية من المنظمات
الديمقراطية، الطبقة العاملة الغير طائفية أمر ضروري، لتنظيم الدفاع عن جميع الطوائف وطرح برنامج مناهض للرأسمالية،
باعتباره السبيل الوحيد إلظهار وسيلة للخروج من اراقة الدماء المستمرة والقمع والفقر .
أن هذا البرنامج بحاجة إلى تحدي وفضح المصلحة الذاتية والطمع من جميع القادة السياسيين والعسكريين الموالين للرأسمالية الذين 4
يقاتلون من أجل الهيمنة في جميع أنحاء العراق اليوم . ينبغي أن يفسر على انه من ضروري إزالتهم من السلطة واستبدالهم بممثلي
العمال المنتخبين ديمقراطيا والذين سيدعون للتوصل إلى حل من خالل االشتراكية، التي تلبي مصالح جميع العمال والفقراء.
الحزب االشتراكي واللجنة الدولية للعمال (CWI) يدعم حق تقرير المصير لجميع الجنسيات والجماعات المضطهدة، ولكن نشير إلى
أن الدول الناتجة لن تكون قابلة إلنتعاش اقتصاديا ما لم ترتبط في اتحاد اشتراكي طوعي، في هذه الحالة من شعب العراق وشعوب
المنطقة. فقط على هذا األساس يمكن تحقيق التعاون الذي يمكن من رفع مستويات المعيشة للجميع، واستخدام أفضل لجميع الموارد
الطبيعية لصالح الجميع.
اترك تعليقًا