تضامن Solidarité

سودان : هل نجا البشير االحتجاجات الجماهيرية؟

إزالة نظام مكروه ال يكفي؛ أزمات الفقر والقهر بسبب قبضة الرأسمالية

في العام الماضي اهتزا السودان عندما خرج العمال والشباب والنساء المظلومين الى الشوارع في السودان بعد ان قام نظام عمر البشير (حزب المؤتمر الوطني) بإلغاء الدعم عن الوقود في 23 سبتمبر(أيلول)2013 فتضاعفت أسعار الوقود وغاز الطهي والمواد الغذائية. وقد ردد المحتجون من المتظاهرين هتافات تضمنت: “الشعب يريد سقوط النظام” و “الحرية، الحرية”!

ولكن الحكومة قامت بمواجهة المحتجين بالقمع والعنف. ويقول نشطاء وأطباء في مستشفى الخرطوم ان أكثر من 170 شخصا قتلوا من قبل النظام، كما ُجرح العديد منهم، وألقت الشرطة القبض على أكثر من 1000 شخص من عدة مدن واستخدمت العنف في حمالت مداهماتها األمنية ُصودرت أعداد من الصحف وا ضراب العام. كذلك تم ُجبر آخرون على إيقاف الطباعة، مما دفع مجموعة من الصحفيين للدعوة لإل إيقاف اإلنترنت.

الوضع الحالي في السودان اآلن، لربما يختلف األمر تماما في العاصمة ، الخرطوم، حيث أن الناس تراجعوا خطوة الى الوراء بسبب عنف الحكومة، ولكن في بعض مدن السودان األخرى، هنالك بعض المظاهرات التي تجري. أعلن البرلمان رسميا سحب إعانات الوقود و أسعار المواد الغذائية ما تزال في ازدياد. قامت الحكومة بتشكيل وزاري جديد . و تعمل أحزاب المعارضة داخل السودان وخارجه بجدية من أجل إزالة نظام البشير. ونشأت العديد من التنظيمات الشبابية والنسائية النشطة خاطب الرئيس البشير موخرا جماهير الشعب في حضور عدد من السياسيين ولكنه كان مهزوزا وخطابه لم يكن مفهوما، وقد كانت ردة فعل الجماهير والمعارضين السياسيين قوية حيث سخروا منه ومن عدم وضوح اهداف خطابه.

احداث سبتمبراالخيرة فضحت النظام وكشفت عن عمق ازماته وتفككه فلم تعد حلوله االمنية واالرهابية تحميه. لذا نجد ان النظام اطلق دعوته الخاوية للحوار مع بعض األحزاب والحركات المعارضة في محاولة منه للخروج من ازمته بعد اكتشافه ان الشعب رافض له وكذلك تصاعد الحركات الشبابية .

ان استمرار محاكمة ثوار سبتمبر هي ابلغ دليل علي زيف وكذب ادعاءات الحوار ومواصلة سياسة القمع واالستبداد من قبل النظام. فقد شهد يومي 17 و18 من شهر فبراير بمحكمة جنايات الكالكلة جنوب محاكمة سبعة من ثوار سبتمبر حيث تم تلفيق التهم الكاذبة لهم وتم اجبارهم علي االدالء باعترافات كاذبة تحت التعذيب، مثلما حدث في محاكمة الطالب / النذير اسماعيل، وتم اجبارهم علي التوقيع علي اقوال المتحري. وقد تحدد النطق بالحكم في جلسة 13 مارس.

ونجد ان هؤالء الشباب يحاكمون في اجواء مشحونة بالتجريم مع غياب تام البسط اسس العدالة. فهذه المحاكمات لهي دليل قاطع علي ان النظام يمر باسوء ايامه، فهو يتخبط في قراراته وذلك من خالل ضجيج الحوار والوفاق الذي يتوهمه مع تلك الشرذمة من الذين انجروا وراء دعوته الكاذبة من اجل مصالحهم الشخصية، ولكنهم واهمون اذا ظنوا ان مسرحية الحوار هذه ستطيل من عمر هذا النظام الفاسد، فهو ساقط ال محالة طالما ان هناك محاكمات جائرة وان الذين خرجوا في ثورة سبتمبر ما زالوا يقبعون في السجون، حيث ان هذه السلطة التي تدعو للحوار والتفاهم مازالت تمارس القمع والترهيب واالعتقاالت.

مارس شهد بعض التطورات، ففي يوم 11 مارس قامت قوات األمن بقمع المظاهرات الطالبية السلمية في داخل حرم جامعة الخرطوم، التي قام بتنظيمها طالب دارفور وبعض القوي السياسية األخري ألجل االحتجاج علي الوضع االنساني الكارثي في دارفور. ونتيجة الستعمال العنف المفرط بواسطة قوات األمن استشهد في الحال الطالب “علي أبكر موسي”. ففي اليوم التالي أيضا حدثت صدامات عندما قام 3000 من الطالب بتشييع جثمانه، وأصيب الطالب محمد اسحق عبدهللا اصابة بالغة، كما أصيب العديد من الطالب باصابات مختلفة، وت ّم اعتقال العديد من الطالب واقتيادهم الي المعتقالت وبيوت االشباح. كل هذا يؤكد لنا مدي وحشية هذا النظام القامع الذي ال يتردد في استعمال اساليب القوة البالغة الخطورة.

هذا مثال آخر على مدى وحشية هذا النظام القمعي الذي ال يتردد في استخدام وسائل قوة خطرة للغاية. وفي يوم 15 مارس قامت شرطة مكافحة الشغب وقوات األمن باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق لقاء جماهيري نظمته المعارضة، تحالف قوي االجماع الوطني (NCF) في ميدان الربطة في المقر الرئيسي لحزب المؤتمر السوداني . وفي مواجهة احتمال قيام احتجاجات يرغب الرئيس في دعوة الحزب الشيوعي السوداني ، وحزب البعث العربي وحزب المؤتمر السوداني إلى االنضمام إلى ما يسمى بالحوار مع أحزاب المعارضة األخرى والذي وافق حزب األمة القومي والمؤتمر الشعبي عليه بالفعل.

مثل هذه المحادثات، حتي لو أدت إلى إزالة النظام، ليس من شأنها أن يؤدي إلى إنهاء األزمة التي تواجه السودان. هذا ألن جذور أزمات الفقر، والقهر، والمشاكل البيئية وعدم التنمية في السودان تكمن في هيمنة الرأسمالية عليه. حتى الرأسماليين الليبراليين مثل التحالف الديمقراطي السياسي السوداني أو الجبهة الثورية السودانية ليس لديهم برنامج للقضاء على الفقر ورفع مستوى معيشة الفقراء والعمال. فإن أي نداء لألمم المتحدة أو الحكومات الرأسمالية في الخارج تقع على آذان صماء و سوف يتطلب المزيد من التقشف في حين أن البالد تعاني من الديون الضخمة لإلمبريالية. للخروج من األزمة البد من المناداة بطرح برنامج لتأميم البنوك، ووضع الصروح الشامخة لالقتصاد و جميع الشركات األجنبية تحت الرقابة الديمقراطية، واستبدال كبار المسؤولين بممثلين منتخبين ديمقراطيا. شعوب المنطقة في حاجة إلى اتخاذ قرارهم بأنفسهم مسلحين بالبرنامج االشتراكي أعاله ونشر هذه األفكار بين العمال والفقراء في دول الشرق األوسط و أفريقيا .

اإلصرار علي المقاومة بواسطة الشعب في جميع أنحاء السودان ، ودعم برنامج لالستفادة من ثروات المنطقة لصالح جميع أفراد شعبها ، قد يلقي قبول العمال و الفالحين الفقراء ، والفقراء في المناطق الحضرية والريفية ، بما في ذلك أولئك الذين يعملون حاليا في الجيش ، إلطالق حملة تحرير حقيقي لإلطاحة بالنظام الفاسد و القمعي. ومع ذلك ، فإن أيا من المنظمات القائمة قادرة على لعب هذا الدور – دفعة جديدة من النضال الغير طائفي وغير طبقي يجب أن يتم بناؤها لتحريك المعركة إلى األمام. تضامن الطبقة العاملة على الصعيد الدولي سيكون حاسما لنجاح مثل هذه المعركة .

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

%d مدونون معجبون بهذه: